
منذ تشكيل حكومة عزيز أخنوش، التي جاءت بوعود كبيرة على رأسها تحسين معيشة المواطن المغربي وتعزيز العدالة الاجتماعية، يبدو أن هذه التطلعات لم تترجم على أرض الواقع، مما يثير تساؤلات حول مدى وفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه الفئات الأكثر تضررا، في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق، بما في ذلك أسعار المواد الغذائية والمحروقات، تواصل الحكومة تنفيذ سياسات اقتصادية تبدو في ظاهرها مركزة على الاستثمار والنمو، لكنها تهمل الاحتياجات الأساسية للأسر المغربية” ارتفاع الأسعار” الذي صار عنواناً بارزاً للمشهد الاقتصادي، يترك الطبقة المتوسطة والفقيرة في مواجهة أزمات متكررة دون تدخلات فعالة لتخفيف العبء.
تعتمد حكومة أخنوش على مؤشرات اقتصادية مثل معدل النمو وارتفاع الصادرات، لكنها تغفل عن حقيقة أن هذه الأرقام لا تعكس واقع حياة المواطن البسيط، فالبطالة لا تزال مرتفعة، وتوزيع الثروات يزداد تفاوتاً، حيث يقتصر التحسن الاقتصادي على النخب دون أن يصل إلى الشريحة الأكبر من المجتمع، أرقام النمو الاقتصادي التي تستعرضها الحكومة تخفي خلفها معاناة شريحة كبيرة من المغاربة الذين يعانون من الفقر والتهميش.
ورغم كل هذه التحديات، تبدو الحكومة بعيدة عن معالجة الملفات الاجتماعية الكبرى مثل الصحة، التعليم، والتشغيل، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرتها على إدارة أولوياتها بما يخدم مصلحة المواطنين، من الإضرابات المتكررة للمهنيين في قطاعات الصحة والتعليم إلى الاحتجاجات المحلية ضد غياب الخدمات الأساسية، تبدو الحكومة بعيدة عن معالجة القضايا الاجتماعية، فالمواطن المغربي لا يريد فقط أرقاماً ومخططات استراتيجية بل يحتاج إلى خطوات ملموسة تحسن حياته اليومية، مثل توفير فرص عمل للشباب وتخفيف أعباء المعيشة.
إذا كانت الحكومة تسعى لاستعادة ثقة المواطنين، فإنها تحتاج إلى تغييرات جذرية في سياساتها، تبدأ بجعل المواطن محور الاهتمام الحقيقي فمواجهة أزمة الغلاء تتطلب إجراءات استثنائية مثل دعم مباشر للمواد الأساسية وإصلاح نظام الأجور، إلى جانب تحسين الخدمات العامة في الصحة والتعليم وتشجيع الاستثمار في توفير فرص عمل للشباب، بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة فتح قنوات تواصل فعالة مع المواطنين والإنصات إلى مطالبهم، خاصة في ظل التوترات الاجتماعية المتزايدة.
المواطن المغربي ليس مجرد رقم في معادلة اقتصادية، بل هو جوهر التنمية وهدفها النهائي إذا استمرت الحكومة في إهمال أولوياته، فإن الفجوة بينها وبين الشعب ستتسع، مما ينذر بمزيد من الاحتقان وفقدان الثقة في مؤسسات الدولة.