الفقيه عبد الناصر القاسمي: عالم متواضع عاش محناً وأنصفه الله والتاريخ.

في عالمٍ يعجّ بالأضواء والظهور، يبرز الفقيه عبد الناصر القاسمي كأحد العلماء الذين اختاروا طريق العلم والإيمان بعيداً عن الإعلام والشهرة، هو عالمٌ فقيه سليل عائلة دينية عريقة، ورث عن أجداده علماً غزيراً في مجال الشريعة والقرآن الكريم، وكرس حياته لخدمة العلم، وتعليم القرآن وعلومه ورغم ما مرّ به من محن واختبارات صعبة، إلا أن الله والتاريخ قد أنصفاه في النهاية، وأثبتا مكانته الرفيعة في قلوب من عرفوه.
من هو الفقيه عبد الناصر القاسمي؟
الفقيه عبد الناصر القاسمي هو ابن الفقيه العلامة مولاي عبد السلام القاسمي المتيوي، أحد أعلام المغرب المتصوفين الكبار، الذي عاش جزءاً من حياته رفقة الشيخ عبدة بن تونس في الجزائر، والده كان عالماً مرموقاً، له مكانة رفيعة في مجال العلم والدين، وكان إماماً في الزاوية العلوية التي أسسها، وكان له العديد من المؤلفات في مجال القرآن والتفسير، بالإضافة إلى أنصاف قرآنية ذائعة الصيت، إذ كان حريصاً على نشر العلم بين الناس.
كما اشتهر والده بالذكر الدائم لله، فكان لسانه لا يفتر عن الذكر والتلاوة، تاركاً إرثاً علمياً ودينياً عظيماً.نشأ الفقيه عبد الناصر في بيئة علمية متشبعة بالقيم الدينية، حيث تعلم القرآن الكريم على يد والده، واكتسب منذ طفولته قدرة كبيرة على الفهم والتفسير وقد ظلّ طوال حياته ملتزماً بهذه المبادئ التي تلقاها من أجداده وعلمائه، مدافعاً عن القيم الإسلامية المعتدلة والمتوازنة، ومبشراً بالوسطية والاعتدال في الدين.
المسيرة العلمية والعملية.
كان الفقيه عبد الناصر القاسمي شخصية لا تسعى إلى الشهرة أو الظهور الإعلامي، بل كان همه الأكبر هو خدمة الدين ونشر العلم. عُرف بتواضعه الجم وحرصه على العيش بعيداً عن الأضواء، مما جعل أفعاله تُترك للزمن والتاريخ ليُثمنها، ففي سنوات عمره الطويلة، أسس “مؤسسة الفقيه عبد السلام القاسمي لتحفيظ القرآن الكريم”، وهي مؤسسة تهدف إلى تعليم وتربية الأجيال على حفظ القرآن وعلومه.
هذه المؤسسة أصبحت واحدة من أبرز معالم العلم في المنطقة، وخرج منها المئات من طلبة العلم الذين أصبحوا أئمة وخطباء ومرشدين دينيين في العديد من البلدان ، ورغم التحديات التي مر بها، سواء كانت من محن شخصية أو اختبارات حياتية، ظلّ الفقيه القاسمي ثابتاً على مبادئه، وظل يواصل رسالته في تعليم القرآن الكريم، حتى أصبح يُنظر إليه كمرجع ديني وعلمي رفيع، ورغم أن الأضواء لم تكن جزءاً من طموحاته، فإن جهدَه كان يشعّ في حياة من حوله من طلبة العلم والمجتمع المحلي.
التعليم والدور المجتمعي
الفقيه القاسمي لم يكن مجرد معلمٍ للقرآن الكريم، بل كان رمزاً للقدوة والالتزام الديني كان يقدّم دروساً ومحاضرات دينية تستهدف تعليم الناس، ليس فقط القرآن الكريم بل الفقه الصحيح، وتفسيره للأحكام الشرعية بأسلوب مبسّط يتناسب مع مختلف الفئات، كان يحثّ دائماً على تقوى الله والعمل الصالح، ويسعى لنشر القيم الإسلامية السمحة التي تؤكد على الوسطية والاعتدال.
وبالإضافة إلى دوره العلمي، الفقيه عبد الناصر القاسمي هو إماماً وخطيباً في مسجد القضايا العليا بدار الكبداني، حيث يلقي خطبه ويحظى باحترام كبير من قبل المجتمع المحلي، كانت رسالته في الخطبة تتجاوز حدود المسجد، حيث كان يوجهها إلى المجتمع بأسره، مذكرًا إياهم بضرورة الالتزام بالقيم الإسلامية، وإظهار الحب والرحمة بين الناس
تجاوز المحن والشدائد.
على الرغم من الظروف الصعبة التي مر بها الفقيه القاسمي، من محن شديدة واختبارات قاسية، فقد ظل صامداً، متمسكاً بدينه وعلمه، فقد واجه الفقيه تحديات كبيرة، حيث تعرض للعديد من الصعوبات التي من شأنها أن تعرقل أي شخص آخر، لكن الفقيه عبد الناصر القاسمي برهن على قوة إيمانه، وصبره، وأصر على متابعة مسيرته في خدمة العلم والدين.
لقد عاش الفقيه عدة محن في حياته، بعضها كان يتعلق بتحديات اجتماعية، إلا أن إيمانه العميق بالله وحبّه للعلم جعلاه يقف شامخاً في مواجهة كل الصعاب، ورغم أن قلة قليلة من الناس كانوا يعرفون تفاصيل هذه المحن، إلا أن الفقيه كان لا يظهر ضعفاً أو شكاوى، بل كان يواصل عمله بهمة عالية وإرادة قوية.
التقدير والاحترام اليوم..
وبعد سنوات طويلة من العمل الدؤوب في خدمة العلم والدين، يتلقى الفقيه عبد الناصر القاسمي تقديراً واحتراماً كبيراً من كل من عرفوه. هو لم يسعَ لهذا التقدير، بل جاء نتيجة لإخلاصه وصدق نيته في خدمة الناس.
فالله والتاريخ، أنصفوه في النهاية… لانه لا يقتصر تقدير الفقيه القاسمي على الأوساط الدينية فقط، بل يمتد ليشمل المجتمع بأسره فقد أثرت دروسه في حياة العديد من الأفراد، وأصبح مثالاً يحتذى به في الصبر والإصرار، وفي تعلم العلم على أيدي العلماء الحقيقيين الذين لا يبتغون إلا رضا الله.