تحت المجهرقضايا و رأي

جون أفريك” تكشف خفايا الديوان الملكي المغربي ودوره في صناعة القرار.

بــقـلـم : هــاجــر القــاســـمـي

كشف تحقيق نشرته مجلة “جون أفريك” عن الدور المحوري الذي يلعبه الديوان الملكي في إدارة شؤون المغرب حيث لا يقتصر دوره على كونه جهازًا إداريًا، بل يعد مركز القرار الفعلي إذ يعمل على تنسيق وتنفيذ السياسات الحكومية عبر تواصل مستمر مع الوزراء والمستشارين الملكيين.

ووفقًا لما أوردته المجلة فإن أعضاء الديوان الملكي يضطلعون بمهام متنوعة تشمل إعداد المذكرات الاستراتيجية وصياغة الخطابات والرسائل الملكية ومتابعة تنفيذ المشاريع الكبرى في المملكة إضافة إلى إدارة المراسلات الرسمية وتنسيق الفعاليات التي تُقام تحت الرعاية الملكية كما يلعب الديوان دورًا رئيسيًا في العلاقات الدبلوماسية للمغرب من خلال التنسيق المباشر مع رؤساء الدول والهيئات الدولية.

ورغم أن الوزراء يمارسون مهامهم داخل الحكومة إلا أن القرارات الاستراتيجية المصيرية التي تؤثر في مستقبل المغرب تتطلب موافقة أو إشرافاً مباشراً من القصر الملكي هذا التداخل بين الدور التنفيذي للحكومة والمهمة الاستشارية التي يؤديها الديوان الملكي يعكس، بحسب المجلة الطبيعة الخاصة للنظام السياسي المغربي الذي يجمع بين الملكية التنفيذية والحكومة التي تظل تحت إشراف القصر إذ تتولى مسؤولية إدارة شؤون الدولة وتنفيذ القوانين والمشاريع الكبرى التي تهيكل البلاد.

أكد التحقيق أن الملك يظل صاحب المبادرة في غالبية الاستراتيجيات الوطنية وهو الحكم الفصل في القضايا الكبرى التي تواجه البلاد وينخرط الملك بشكل مباشر في المجالات السيادية كالأمن والدفاع والدبلوماسية بينما يترك للحكومة مسؤولية إدارة الشؤون اليومية وتنفيذ القوانين والمشاريع الكبرى.

يتكون الديوان الملكي من فريق عمل يضم أكثر من مائة شخص يعملون بتفانٍ مطلق وبأقصى درجات السرية والانضباط وغالبية هؤلاء الأشخاص غير معروفين لدى عامة الناس باستثناء المستشارين الملكيين الذين يشكلون الدائرة المقربة من الملك ويتم تعيين المستشارين الملكيين بظهير ملكي وينتمون إلى نخبة منتقاة بعناية تتميز بتنوع خبراتها وتخصصاتها ويضم الديوان الملكي حالياً سبعة مستشارين: فؤاد علي الهمة، أندري أزولاي، عمر عزيمان، الطيب الفاسي الفهري، عمر قباج، عبد اللطيف المنوني، وياسر الزناكي.

على الرغم من أن جميع المستشارين يتمتعون بالصفة نفسها إلا أن تأثيرهم ليس متساوياً ففؤاد عالي الهمة على سبيل المثال يُعتبر الأكثر شهرة حيث يشرف على أكثر الملفات حساسية بصفته “رجل السياسة الداخلية” للملك أما أندري أزولاي فيلعب دوراً بارزاً في الترويج لصورة المغرب المتسامح والمتفتح على العالم من خلال حضوره الإعلامي ومشاركته في العديد من المهرجانات والملتقيات الدولية كما يبرز الطيب الفاسي الفهري في المشهد الدبلوماسي بفضل خبرته الواسعة في العلاقات الدولية حيث كان وزيراً للخارجية لعدة سنوات.

ويضم الديوان الملكي أيضاً خبراء في مجالات القانون والاقتصاد والشؤون الاجتماعية مثل عبد اللطيف المنوني الخبير الدستوري الذي أشرف على إصلاح دستور 2011 وعمر قباج الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الأفريقية، وعمر عزيمان الخبير في قضايا العدالة وحقوق الإنسان والتعليم وأكد تحقيق “جون أفريك” أنه لا يوجد أي تسلسل هرمي واضح بين المستشارين الملكيين، كما لا توجد تقسيمات رسمية للمجالات التي يعمل عليها كل منهم ومع ذلك فإن الملفات تُسند غالباً إلى المستشارين بناءً على خبراتهم وتخصصاتهم فالدبلوماسية تُسند إلى الطيب الفاسي الفهري والاقتصاد إلى عمر قباج والقانون إلى عبد اللطيف المنوني.

وهكذا يلعب الديوان الملكي دوراً حاسماً في تسهيل التواصل والتنسيق بين القصر الملكي والحكومة فهو يقوم بإعداد المذكرات الاستراتيجية ومتابعة تنفيذ المشاريع الكبرى، وصياغة الخطابات والرسائل الملكية، وإدارة المراسلات الموجهة إلى الملك وتنسيق الفعاليات التي تقام تحت رعايته كما يتولى الديوان الملكي مهمة إدارة العلاقات الدبلوماسية مع رؤساء الدول والمنظمات الدولية ويعمل كهيئة دبلوماسية موازية لوزارة الخارجية.

أكد تحقيق “جون أفريك” أن التفاعل بين الديوان الملكي والحكومة لا يتم عشوائياً بل يتبع بروتوكولاً محدداً للغاية فبموجب هذا البروتوكول يأتي الوزراء لتقديم التقارير إلى المستشارين الملكيين ولا يحدث العكس كما أن الديوان الملكي يعطي الضوء الأخضر للوزراء لإجراء الزيارات الرسمية إلى الخارج بعد موافقة رئيس الحكومة.

إحدى الوظائف الهامة التي يقوم بها الديوان الملكي هي التعامل مع مئات الرسائل الموجهة إلى الملك من المواطنين المغاربة حيث يتم تصنيف هذه الرسائل وفحصها بدقة ثم يتم تقديمها إلى المستشارين الذين يقدمون اقتراحات بشأن الإجابات المناسبة والتي يوافق عليها الملك لاحقاً ويعتبر الديوان الملكي هذه الرسائل بمثابة مؤشر اجتماعي أو مقياس للزلازل حيث تساعد الملك على البقاء على تواصل مع اهتمامات المواطنين ومشاكلهم.

ورغم أن الديوان الملكي يوصف بأنه “حكومة الظل” إلا أنه يسعى في عهد الملك محمد السادس إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من الشفافية من خلال التواصل مع وسائل الإعلام والجمهور ونشر المعلومات المتعلقة بأنشطته ومبادراته كما أن التغيرات التي طرأت على الديوان في السنوات الأخيرة عكست توجهًا نحو تحديث آليات العمل وتعزيز الكفاءة إذ أصبح يعتمد بشكل متزايد على الخبراء والتكنوقراط لضمان فعالية أكبر في اتخاذ القرار وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى