الإقتصادالمجتمعتحت المجهرسياسةقضايا و رأيمقالات الرأيوطنية

بعد المخطط الأخضر.. أخنوش يطلق مشروع الهيدروجين الأخضر.

تحـــريـــر : هــاجــر القــاســـمـي

بعد “المخطط الأخضر” الذي تم الترويج له كمشروع طموح للنهوض بالقطاع الفلاحي في المغرب ها هو رئيس الحكومة عزيز أخنوش يطلق مشروعًا جديدًا باسم “الهيدروجين الأخضر” حيث يتم تقديمه كخطوة استراتيجية تهدف إلى جعل المغرب في طليعة الدول الرائدة في الطاقات المتجددة وهذا المشروع الذي تقدر قيمته بحوالي 319 مليار درهم يبدو على الورق كإنجاز اقتصادي ضخم غير أنه يثير العديد من التساؤلات حول مدى استفادة المغرب والمغاربة منه خصوصًا في ظل تجارب سابقة لمخططات طموحة انتهت بخدمة فئة معينة دون أن تترك أثرًا ملموسًا على عموم المواطنين.

في المشهد العام يبدو أن الحكومة تواصل استقطاب الاستثمارات الضخمة لكنها تفشل في ضمان توزيع عادل لمنافعها إذ كيف يمكن تفسير أن المغرب الذي يوقع عقودًا بمليارات الدراهم لتطوير الطاقات المتجددة لا يزال يعاني من ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود كما أن منح أراضٍ شاسعة تصل إلى 30 ألف هكتار لكل مشروع لشركات أجنبية يطرح تساؤلات مشروعة في الوقت الذي يكافح فيه الفلاحون المغاربة للحصول على أراضٍ صالحة للزراعة.

الرهان على الهيدروجين الأخضر كقطاع مستقبلي ليس في حد ذاته موضع انتقاد بل على العكس فإن المغرب يملك من المؤهلات ما يسمح له بلعب دور ريادي في هذا المجال غير أن المشكلة تكمن في غياب الشفافية حول شروط هذه الاستثمارات والمستفيد الحقيقي منها إذ إذا كان هذا المشروع سيوفر للمملكة مداخيل ضخمة فلماذا لا يقدم المسؤولون أي التزام واضح بشأن انعكاساته على الاقتصاد الوطني كما أن غياب أي حديث عن تخفيض فواتير الطاقة محليًا أو خلق فرص شغل مستدامة بأجور عادلة يزيد من الغموض حول حقيقة هذا المشروع.

المقلق أيضًا هو أن هذا المشروع يأتي في سياق حكومي يعاني من ضعف في التواصل والمحاسبة كما أن تجربة “المخطط الأخضر” التي أشرف عليها أخنوش خلال توليه وزارة الفلاحة أظهرت أن المشاريع الضخمة غالبًا ما تُسوق كنجاحات إعلامية بينما نتائجها الفعلية تبقى بعيدة عن الوعود الرسمية مما يثير التساؤل حول ما إذا كنا سنرى سيناريو مماثل مع “الهيدروجين الأخضر” حيث يتم الاحتفاء بالصفقات والشراكات بينما تبقى الفوائد الاقتصادية محصورة في دائرة ضيقة من المستثمرين.

وفي هذا الإطار فقد تم انتقاء خمسة مستثمرين وطنيين ودوليين لإنجاز ستة مشاريع ضخمة في الجهات الثلاث للأقاليم الجنوبية حيث تشمل القائمة شركات عالمية كبرى مثل “أورتوس” الأمريكية و”أكسيونا” الإسبانية و”نورديكس” الألمانية بالإضافة إلى “طاقة” الإماراتية و”سيبسا” الإسبانية كما أن شركة “ناريفا” المغربية ستتولى إنتاج الأمونياك والوقود الاصطناعي والفولاذ الأخضر في حين تعتزم “أكوا باور” السعودية وشركتان صينيتان هما “UEG” و”تشاينا ثري غورجيز” الاستثمار في إنتاج الأمونياك.

ورغم الضجة الإعلامية التي أحاطت بهذا الإعلان فقد كان من اللافت عدم تقديم أي معطيات واضحة حول شروط العقود التي ستُبرم مع هؤلاء المستثمرين حيث اكتفى رئيس الحكومة بالإشارة إلى أن المغرب يشتغل وفق رؤية ملكية تروم تعزيز موقعه في هذا المجال غير أن غياب أي تفاصيل حول كيفية استفادة الاقتصاد الوطني من هذه المشاريع يثير القلق فهل سيتم منح هذه الشركات امتيازات ضخمة دون مقابل ملموس أم أن هناك ضمانات حقيقية بأن هذه الاستثمارات ستعود بالنفع على المغاربة.

وفي النهاية فإن مشروع الهيدروجين الأخضر قد يكون خطوة إيجابية إذا تم تدبيره بشفافية وإذا كان للمواطن المغربي نصيب حقيقي من عائداته غير أنه إذا كان مجرد رقم جديد في قائمة “الإنجازات” التي تُرفع في التقارير الرسمية دون أثر ملموس على الحياة اليومية فإنه لن يكون أكثر من واجهة لتجميل صورة حكومة تبحث عن إنجازات بأي ثمن ولو على حساب العدالة الاقتصادية والاجتماعية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى