فضيحة من العيار الثقيل وزير إسلامي سابق يدافع عن أكبر مزور في تاريخ المغرب.

في حادثة صدمت الرأي العام المغربي وأثارت تساؤلات قانونية وأخلاقية عميقة إذ أقدم وزير العدل السابق الذي كان ينتمي لحزب إسلامي وكان يتمتع بثقة ملكية كبيرة على اتخاذ موقف غير مسبوق بالدفاع عن أحمد العنابي الذي يُعد أحد أكبر المزورين في تاريخ المغرب والوزير الذي كان يُعتبر نموذجًا للعدالة والنزاهة والذي تولى منصبًا حساسًا في الحكومة وجد نفسه في مواجهة شعبه وقيم العدالة التي كان من المفترض أن يكون حاميًا لها وليس فقط أنه خان الثقة الملكية بل أضر أيضًا بمصداقيته السياسية والقضائية مما أثار موجة من الاستنكار في الأوساط السياسية والقانونية ودفع الجميع إلى التساؤل عن دوافعه الحقيقية وراء هذا التصرف غير المسؤول.
وكان الوزير السابق في موقف يُفترض فيه أن يكون حاميًا للعدالة ومرشدًا في تطبيق القانون لكن ما حدث اليوم يضع علامة استفهام ضخمة على مواقفه كما يثير جدلاً واسعًا حول معايير العدالة في المغرب وجلالة الملك في خطب عديدة أكد على ضرورة محاربة الفساد وتعزيز نزاهة الدولة ففي خطابه في افتتاح السنة التشريعية لعام 2019 شدد الملك محمد السادس على أن مكافحة الفساد تشكل أولوية وطنية وأن الدولة لا يمكن أن تبني مستقبلها إلا على أسس من الشفافية والنزاهة وعندما جاء دور الوزير السابق ليتحمل مسؤولياته اختار أن يضع نفسه في صف مزور في سابقة خطيرة تهدد سيادة القانون وفوق ذلك فإن المادة 118 من الدستور المغربي تنص على أن السلطات العمومية تحترم سيادة القانون وتلتزم بتطبيقه على الجميع دون تمييز وهذه نصوص يجب أن يكون أي مسؤول حكومي وبالخصوص وزير العدل قدوة في احترامها إلا أن الوزير الذي كان في يوم من الأيام رمزًا للعدالة والمساواة اختار اليوم الاصطفاف إلى جانب شخص متهم بالتزوير مما يعد خرقًا صارخًا لهذه المبادئ الدستورية.
كما أن هذا التصرف يتناقض مع القيم الدينية التي يُفترض أن يتحلى بها أي مسؤول في الدولة خاصة إذا كان ينتمي لحزب إسلامي فالشريعة الإسلامية في أحد مبادئها الأساسية تعتبر التزوير من الكبائر التي لا تغتفر فقد ورد في الحديث الشريف من غش فليس منا وهذا الحديث يُظهر بوضوح مدى خطورة التزوير في الإسلام حيث يُعتبر خيانة للأمانة وضررًا للمجتمع بأسره فكيف يمكن لوزير أن يتجاهل هذه المبادئ الواضحة ويقف إلى جانب شخص متورط في التزوير ولقد كان يُفترض به أن يكون نموذجًا للنزاهة والعدالة لكنه اختار للأسف أن يتخلى عن هذا الدور ويقف في صف المفسدين.
ومن منظور قانوني فإن التزوير في المغرب يُعد جريمة خطيرة يعاقب عليها القانون بشدة فقد نص الفصل 352 من القانون الجنائي المغربي على أن من ارتكب جريمة التزوير في الوثائق يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات فإذا كيف يمكن لوزير العدل وهو المسؤول عن ضمان تطبيق القانون أن يتجاهل هذه الأحكام الواضحة ويقف ضد العدالة وهذا الموقف يفتح الباب على مصراعيه للتساؤلات حول مدى التزام هذا الوزير بالقوانين التي كان يجب عليه تطبيقها كما يثير الشكوك حول دوافعه الحقيقية.
ولا يقتصر الخلل في تصرف هذا الوزير على الخيانة القانونية فقط بل يتعداه إلى الخيانة الأخلاقية والسياسية أيضًا ومن المثير أن نلاحظ أن هذا الوزير الذي كان من المفترض أن يكون حاميًا للحقوق والمساواة أصبح اليوم في موضع المتهم فكيف يمكن لشخص تولى مسؤولية قيادة وزارة العدل أن يتبنى مواقف مغايرة للأخلاقيات السياسية السامية وفي مقال شهير للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو يقول القوة لا تكمن في الحكم بل في العدل وبناءً على هذا القول كان من الواجب على الوزير أن يكون مثالًا للعدل وأن يُمارس سلطته من خلال احترام المبادئ القانونية والأخلاقية لكن المثير في هذه القضية أن الوزير اختار الوقوف مع المفسدين مما يضعه في مواجهة مع قيم العدالة وحقوق المواطنين.
ولقد كان من المتوقع أن يتخذ الوزير مواقف تكرس سيادة القانون وحقوق الشعب لكن ما حدث كان بمثابة تراجع عن هذه القيم الأساسية وهو ما دفع إلى التفكير في مدى تأثير هذا الموقف على مستقبل العدالة في المغرب فكيف يمكن للمواطنين أن يثقوا بالقضاء والعدالة إذا كانت هناك شخصيات في السلطة تدافع عن المجرمين والمتورطين في الجرائم الكبيرة.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الشعب المغربي من مسؤولي الدولة الحفاظ على سيادة القانون والعدالة يأتي هذا الوزير ليعكس صورة مغايرة تمامًا وهي صورة تسيء إلى مفهوم المسؤولية السياسية والأخلاقية وإن هذا الموقف لا يعكس فقط خيانة للثقة الملكية بل هو أيضًا خيانة للشعب المغربي الذي وضع ثقته في هذا الوزير ليكون حاميًا للعدالة والمساواة فقد اعتاد المغاربة على رؤية الوزراء يتحدثون عن محاربة الفساد وتعزيز الشفافية لكن وزير العدل السابق اختار للأسف أن يتحالف مع منتهكي القانون والمزورين.
والسؤال الذي يظل مطروحًا هو كيف سيواجه هذا الوزير العواقب التي ستترتب على هذا التصرف وهل سيستمر في الدفاع عن المزورين أم سيعود عن موقفه ويُصحح أخطاءه وإن هذا الموقف سيظل يُثير الجدل ويضع الوزير في مواجهة مع ضميره قبل أي شيء آخر حيث أصبح اليوم موضع تساؤل في أعين الشعب والعدالة وأصبح يُنظر إليه لا كمحامي للحق بل كمدافع عن المفسدين ومن خلال هذه الحادثة يُظهر المغرب مرة أخرى كيف أن العدالة تُحارب وتُتحدى في قلب النظام كما أن الخيانة يمكن أن تأتي من أعلى المستويات مما يضع أمامنا تحديات كبيرة للحفاظ على نزاهة الدولة وتماسكها في المستقبل.