المجتمعتحت المجهرقضايا المحاكمقضايا و رأيوطنية

صفعة القائد وشهادة طبية بـ30 يوم عجز جدل حول مصداقية الشواهد الطبية وتأثيرها على القضاء.

تحـــريـــر : هــاجــر القــاســـمـي

أثارت قضية حصول قائد الملحقة الإدارية السابعة بتمارة الذي ظهر في مقطع فيديو وهو يتعرض لصفعة من قبل سيدة على شهادة طبية تحدد مدة العجز في 30 يومًا جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الأطر الصحية والقضائية إذ اعتبر العديد من المتابعين أن مدة العجز لا تتناسب مع طبيعة الأذى الذي تعرض له المعني بالأمر مما فتح باب النقاش حول مدى مصداقية بعض الشواهد الطبية المسلمة وتأثيرها على القضايا المعروضة أمام القضاء خصوصًا عندما تمنح مدد عجز طويلة دون مبررات طبية دقيقة.

وخلال أولى جلسات محاكمة المتهمين بتعنيف القائد برزت تساؤلات قانونية وطبية حول دور هذه الشواهد في تحديد طبيعة الجريمة والعقوبات المترتبة عنها حيث عبر الأستاذ زكرياء البورياحي المحامي بهيئة الناظور عن موقفه من الموضوع من خلال تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك مؤكدًا أن الشواهد الطبية المسلمة على سبيل المجاملة قد تؤدي إلى ظلم أشخاص آخرين أو تشديد العقوبات عليهم دون وجه حق كما قد تُستخدم بطرق غير قانونية للحصول على إجازات غير مستحقة أو التهرب من المسؤوليات مما يؤثر على مصداقية المؤسسات الصحية والقضائية وأضاف أن مدة العجز المؤقت تخضع لضوابط علمية موضوعية إذ تتراوح عادة بين يوم إلى خمسة أيام في حالات العنف البسيط بينما تصل في حالات الإصابات الأكثر خطورة إلى عدة أسابيع وفقًا لشدة الضرر.

وعلى المستوى القانوني أوضح البورياحي أن الفصل 267 من القانون الجنائي المغربي يعاقب على العنف ضد الموظف العمومي أثناء مزاولة عمله بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين بغض النظر عن مدة العجز الطبي وذلك خلافًا للاعتداءات التي تستهدف الأشخاص العاديين والتي يميز فيها القانون بين العجز الذي يقل عن 21 يومًا والذي يتجاوزه وفق الفصل 400 من القانون الجنائي وبالتالي فإن محاولة تضخيم مدة العجز الطبي لن تؤثر على التكييف القانوني للجريمة أو على العقوبة المقررة لها مشيرًا إلى أن صفعة من شخص عادي لا تدخل إلا في إطار العنف البسيط مما قد يجعل التضخيم غير المبرر للفعل محل استهجان بدل تعاطف بل وقد يؤدي إلى نتائج عكسية حيث تتحول موجة التضامن إلى موقف متحفظ تجاه الضحية.

وفي السياق ذاته كتبت المحامية سهام الكمراوي عن تأثير الشواهد الطبية في تكييف القضايا الجنحية معتبرة أنها أصبحت عنصرًا حاسمًا قد يؤثر على مسار القضايا وفق مصلحة أحد الأطراف حيث أشارت إلى أن الطرف المدني غالبًا ما يدلي بشهادة طبية تفوق مدة العجز فيها 21 يومًا حتى في حالات يكون الضرر فيها طفيفًا مما يؤثر على تصنيف الجريمة وتشديد العقوبات وأوضحت أن هذه الشواهد تستند في الغالب إلى الأضرار الجسدية مثل الجروح والكدمات دون مراعاة الأبعاد النفسية والمعنوية كما طرحت تساؤلات حول مدى انعكاس هذه الوثائق على الحقيقة ومدى تأثيرها على قناعة القضاة خاصة عندما تكون سببًا في إعادة تكييف التهم الموجهة إلى المتهمين.

وأكدت أن غياب الرقابة والمحاسبة في منح هذه الشواهد قد يؤدي إلى انتهاك حقوق المتهمين وخرق مبدأ المحاكمة العادلة محذرة من أن تساهل بعض الأطباء في إصدارها قد يجعلها أداة للتحكم في النزاعات بدل أن تكون وسيلة إثبات محايدة مما قد يضر بمصداقية التقارير الطبية ويؤدي إلى استغلالها بشكل غير مشروع.

وختمت مقالها بالتأكيد على ضرورة مراجعة هذه الممارسة ووضع آليات مراقبة صارمة لمنح الشواهد الطبية لضمان التوازن بين حماية الضحايا وضمان حقوق المتهمين مشددة على أن استمرار الفوضى في هذا المجال قد يهدد نزاهة منظومة العدالة برمتها داعية إلى تعزيز الشفافية والتدقيق في إصدار هذه الوثائق لضمان العدالة وعدم استخدامها بشكل تعسفي في القضايا الجنحية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى