عزيز فتحاوي يكتب: تفاصيل حيّز من الذكريات في “رومانسيات من دفاتره”.

تحـــريـــر : هــــاجــــر القــــاســــمــــي
في سلسلة جديدة من روايته “رومانسيات من دفاتره” يعود الكاتب عزيز فتحاوي ليغوص في أعماق الحي الذي نشأ فيه معتمدًا على أسلوب سردي يعبق بعطر الماضي في الحلقة الخامسة عشرة ينسج الكاتب مشاهد طفولية مشحونة بالبراءة حيث تتقاطع حياة الفتى الذي يمثل البطل مع بيئة حيه الذي يعج بالصغار والشباب مجتمعين في مدارس الحي وكتاباته.
يستعرض فتحاوي كيف أن الفتى نشأ في حضن الكتاب والجامع حيث تكثر الزيارات اليومية وتختلط ضحكات الأطفال بأصوات الفقيه “سي بوزيد” رحمه الله الذي كان يشكل رمزًا للهيبة والتربية يعكس الكاتب كيف أصبح الكتاب ممرًا حيويًا للفتيان حيث كانت مغامراتهم تتنقل بين الدروس والشقاوة مشوبة بخيال خصب يملأه الأساطير عن الجان والمردة التي شكلت جزءًا من تربيتهم وتغذت بها مخيلاتهم.
الحي الذي يصفه فتحاوي لم يكن مجرد مكان للعيش بل كان عالمًا تتداخل فيه ألوان من الجيرة والعلاقات الإنسانية في تلك البيوت التي عرفها الفتى كانت الجدران تخبره عن الحياة والماضي وتربطه بأصول الجيران “دار مي هنية” “دار مي شريفة” “دار مي حليمة” وغيرها من البيوت كانت تحمل روح الحي حيث كانت العلاقات الجيرة تتجاوز مجرد كونها حدودًا سكنية بل كانت بمثابة روابط قوية تربط أفراد هذا الحي ببعضهم البعض.
إلا أن الزمن تغير وكما تحكي الرواية أصبحت تلك البيوت اليوم شاهدة على مرور الزمن تتناثر في أرجائها الذكريات وتطوي أجنحة الحمام على قرميدها بينما تعزف الريح في شقوقها هذا التغيير الحتمي يجعل من الحي مكانًا غارقًا في الأساطير التي صنعت طفولة الفتى وسط تطور الزمن وتغيرات المجتمع.
رواية “رومانسيات من دفاتره” لا تقتصر على سرد أحداث الحي بل تأخذ القارئ إلى أفق من التأمل في الماضي وتطرح تساؤلات عن الهوية والانتماء وكيف أن كل زاوية من هذا المكان كانت تشكل جزءًا من وجدان الفتى الذي تربى في رحابه.