حين انتصرت العدالة للرحمة .. حمزة ورفاقه “أولاد الفشوش” يعانقون الحرية بدموع الندم وأمل الإصلاح.

في لحظة اختلطت فيها الدموع بالتصفيق غادر حمزة ج ورفاقه قاعة المحكمة بحرية مشروطة وذلك بعد قرار هيئة الحكم تمتيعهم بالسراح المؤقت في واحدة من أكثر القضايا التي أثارت الجدل الشعبي والإعلامي بالمغرب خلال الأسابيع الماضية والتي عُرفت بقضية “رشق السيارات بالبيض والحجارة” على الطريق السيار.
ولم يكن القرار القضائي مجرد حكم بالإفراج بل كان بياناً إنسانياً يفيض بالتعقل إذ يذكّر بأن القانون لا يُفترض أن يكون سيفاً مسلطاً فقط بل جسراً للعودة إلى الصواب حين يظهر الندم وتلوح بوادر التوبة ولقد اختارت المحكمة أن تؤمن بالفرصة الثانية بعدما أبدى المتهمون وفي مقدمتهم حمزة ندمًا صريحًا وقدموا التماسًا صادقًا بإصلاح ما أفسدوه.
وقد قال حمزة في تصريح مقتضب بعد إطلاق سراحه إنه راجع كل شيء خلال فترة السجن وأعرب عن امتنانه للعدالة لأنها لم تغلق الباب في وجهه مؤكدًا أنه لن يضيّع هذه الفرصة أبداً.
وقد استند قرار المحكمة إلى مقتضيات الفصل 54 من القانون الجنائي المغربي الذي يجيز وقف تنفيذ العقوبة في حالة وجود ضمانات كافية بعدم التكرار كما اعتمدت الهيئة على مذكرات هيئة الدفاع وشهادات اجتماعية أكدت أن المتهمين طلاب ومبتدئون في الحياة إذ انزلقوا في لحظة مراهقة دون نية جنائية مدبرة أو ميول عدوانية ثابتة.
ورغم الغضب الذي خلفته الواقعة لدى المواطنين فإن الإفراج المؤقت عن المتهمين لم يكن مظهراً لتهاون العدالة بل تعبيراً عن ثقتها في قدرة الشباب على التغيير حين يُمنحون الأمل لا الإقصاء وقد صرحت مصادر من المحكمة أن إطلاق السراح تم بمقابل التزام مكتوب يقتضي المشاركة في حملات توعية وطنية حول مخاطر العبث بالطريق العام فضلاً عن إلزام المتهمين بتعويض المتضررين مادياً ضمن صيغة ترميم أخلاقي واجتماعي قبل أن يكون قانونياً.
وقد رحبت الجمعيات الحقوقية والهيئات التربوية بقرار المحكمة واعتبرته شجاعة قضائية تراعي مبدأ التدرج في العقاب كما تؤسس لعدالة إصلاحية تُعيد دمج الشباب بدل سحقهم تحت الأحكام.
وفي مقابل الصورة النمطية التي رسمتها وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن “أولاد الفشوش” وحوشاً متمردين بل شباناً أخطأوا الطريق وسرعان ما اصطدموا بعواقب أفعالهم إذ كانوا بحاجة إلى من يوقفهم لكن أيضاً من يُرشدهم.
ويقف حمزة ورفاقه اليوم على عتبة جديدة من العمر أكثر نضجاً وأقل صخباً وقد تعهّدوا بحسب محاميهم بتنظيم لقاءات داخل مؤسسات تربوية يحكون فيها تجربتهم ليكونوا صوتاً جديداً للشباب التائهين في مغامرات الاستعراض والسوشيال ميديا ويؤكدوا أن العدالة حين تكون رحيمة لا تضعف بل تصنع بشرًا أفضل.
وهكذا تنتصر الإنسانية على الانفعال وتعلو الحكمة على الغضب لتقول العدالة كلمتها نحاسب نعم لكن لا نعدم الأمل.—إلى بغيتِ تنسقي النص بشكل