أحمد التوفيق يبرز أهمية الزوايا الصوفية في ترسيخ التبليغ الديني ومواجهة التحديات المجتمعية.

تــحــريــر: هـــاجـــر القـــاسمـــي
شدد أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية على الأدوار المحورية التي تضطلع بها الزوايا الصوفية في تعزيز التبليغ الديني وترسيخ قيم الاعتدال والتزكية حيث أكد أن الزوايا تمثل ركيزة أساسية في معالجة العديد من الإشكالات التي يواجهها المجتمع لا سيما في ظل التحديات المادية والقيمية التي يشهدها العالم المعاصرة حيث أوضح اخلال مشاركته في محاضرة علمية نظمتها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته أن مفهوم النفس في قوله تعالى : “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها” يرتبط بذات الإنسان بينما التسوية تشير إلى إعداد الإنسان جسديا وعقليا في حين أن الإلهام هو علم فطري يولد في النفس دون تجربة أو تعليم وذلك بحسب الرؤية الصوفية.
وأشار إلى أن تزكية النفس تعني تطهيرها من الذنوب وتنميتها في الآن ذاته وقد أكد أن الإنسان يمتلك استعدادا فطريا للاختيار في ظل قدرة الله ومشيئته إذ إن الحكم الإلهي لا يخضع لمقاييس الزمن الفيزيائي باعتبار أن الماضي والحاضر والمستقبل مخلوقة دفعة واحدة وفي السياق ذاته اعتبر التوفيق أن عملية التبليغ الديني لا يمكن أن تنفصل عن القدوة الحسنة التي تمكن المبلِّغ من التأثير ومواجهة النزعة الأنانية الأنا الكامنة في كل إنسان كما أكد أن التوحيد كما تفهمه الزوايا هو سبيل للتحرر من عبودية النفس والهوى وقد استحضر في هذا السياق مقولة الفيلسوف سقراط اعرف نفسك بنفسك للدلالة على أن المعرفة بالنفس تقود إلى التحرر من الأوهام والأنانية.
ودافع الوزير عن التصوف باعتباره مدرسة قائمة على التوحيد الخالص والتربية الروحية إذ رفض الاتهامات الموجهة للمتصوفة بالشرك كما أبرز أن رسالتهم تقوم على التبليغ النابع من الرحمة والقرب والاقتداء وقد أوضح أن الزوايا تاريخيا قاومت الاستعمار ورغم محاولات تشويه صورتها فإنها لا تزال تضطلع بدور روحي وتربوي في المجتمع إلى جانب المؤسسات الدينية الرسمية حيث لفت إلى أن الزوايا يمكن أن تسهم بفعالية في ملء الفراغ الروحي ومواجهة الظواهر الاجتماعية السلبية مثل الإدمان والعنف والغش وذلك من خلال تبليغ يقوم على القدوة ويهدف إلى تزكية النفس كما دعا إلى مراجعة العلاقة بين الدين والتدين في الحاضر إذ شدد على ضرورة تجديد الخطاب الديني وتجويد أداء المؤسسات الدعوية.
وشهدت المحاضرة حضور نخبة من العلماء والأئمة والمشايخ بالإضافة إلى شخصيات دينية وأكاديمية وقد جاءت ضمن سلسلة من اللقاءات العلمية التي تهدف إلى تسليط الضوء على أدوار الزوايا في المشهد الديني المغربي ومواكبة السياسات الوطنية في مجال التبليغ.