المجتمعقضايا و رأيمقالات الرأي

الصابو”… عندما تُقيد حرية التنقل خارج القانون!

تحرير: إيمان بوسويف.

في مشهد بات يتكرر بشكل يومي في شوارع المدن المغربية، تستفيق كثير من السيارات على عائق معدني يطوّق إحدى عجلاتها… إنه “الصابو”، الوسيلة التي تعتمدها شركات خاصة مفوّضة من الجماعات المحلية لـ”عقل” السيارات في حال تجاوز مدة التوقف أو عدم أداء الواجب المالي.

غير أن هذا الإجراء، وإن بدا تنظيمياً، يثير إشكالاً قانونياً عميقاً يتعلّق بمشروعيته وحدود القانون في حماية حرية المواطن.ينص الدستور المغربي في فصله 24 على أن “حرية التنقل مضمونة”، ولا يمكن تقييدها إلا بمقتضى نص قانوني صريح.

ومع ذلك تلجأ شركات تدبير الوقوف المؤدى عنه إلى تقييد هذه الحرية بطريقة مادية، وفرض غرامات خارج الضوابط التشريعية، مما يُعدّ خرقاً واضحاً لمبدأ شرعية العقوبات والإجراءات المقيدة للحرية.

من المبادئ القانونية المستقرة أن تفويض تدبير المرفق العمومي إلى شركة خاصة لا يمكن أن يمتد إلى منحها صلاحيات تدخل في نطاق أعمال السلطة، مثل مهام الشرطة الإدارية. فهذه الصلاحيات تظل من اختصاص الدولة أو من تفوضه بموجب قانون صريح، ولا يمكن تفويتها تعاقدياً.

وعليه فإن قيام الشركة بعقل السيارة وفرض مبلغ مالي نظير إزالة الصابو يُعتبر، وفقاً للعديد من فقهاء القانون، تجاوزاً لصلاحياتها، ومخالفة لمقتضيات النظام العام، لأنه لا يستند إلى سند تشريعي حيث لقد كان القضاء الإداري المغربي واضحاً في موقفه، حين اعتبر أن الصابو إجراء غير مشروع، وأصدر أحكاماً تقضي بالتعويض لفائدة المتضررين.

ومن أبرز هذه الأحكام: حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 2063 بتاريخ 03 نونبر 2011، وحكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 870 بتاريخ 5 مارس 2019، والذي أُيِّد من طرف محكمة الاستئناف الإدارية، ثم قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 4238 بتاريخ 10 دجنبر 2020.

أمام هذه التجاوزات فإن على المواطنين الذين تُعقل سياراتهم بشكل غير قانوني توثيق الواقعة عبر مفوض قضائي، ومباشرة الإجراءات القضائية للمطالبة بالتعويض، دفاعاً عن حقوقهم المكفولة دستورياً.

كما أن هذا الموضوع يستوجب تدخلاً تشريعياً عاجلاً من المشرع المغربي لوضع حد لهذا الفراغ القانوني، وتنظيم العلاقة بين الجماعات الترابية والمواطن في إطار من العدالة والشرعية.

فحرية المواطن ليست ترفاً، بل هي مبدأ دستوري لا يمكن تقييده إلا بالقانون، وكل ما يخالف ذلك يبقى مجرد تجاوز لا شرعية له، ولو تم بقبضة حديدية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى