أخبار عاجلةتحت المجهرقضايا المحاكموطنية

تُهم ثقيلة تلاحق منعشين ومنتخبين كباراً في البيضاء بسبب “تصاميم مزورة” بقيمة تفوق 3 آلاف مليار سنتيم.

علاش تيفي

في تطور مثير لملف “تزوير التصاميم العقارية” الذي هزّ مدينة الدار البيضاء، تحيل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، صباح يوم غد الخميس، 12 متهماً على أنظار النيابة العامة المختصة، من بينهم منعشان عقاريان معروفان، ومنتخبان بارزان، إضافة إلى محافظ عقاري ومهندس معماري، وذلك على خلفية شكايات تتعلق بتزوير تصاميم معمارية واستعمالها لإضافة طوابق غير قانونية بعدد من المشاريع السكنية الكبرى.

وحسب ما أوردته يومية الصباح في عددها الصادر اليوم، فإن الملف ظلّ قيد التحريات المعمقة لأشهر، رغم محاولات طيّه وإلصاق التهم بمهندس توفي في وقت سابق، غير أن التحريات أثبتت أن المنعش العقاري المتهم وابنه راكما ثروات ضخمة من خلال التلاعب بتصاميم البناء في مناطق استراتيجية من العاصمة الاقتصادية، من قبيل شارع عبد المومن، وشارع فاس، وبورغون، وبوسكورة، وعمارات دار بوعزة وسيدي رحال.

وفي ذات السياق أفادت تقارير أن قيمة الأموال المتحصّل عليها جراء هذه التزويرات فاقت 3 آلاف مليار سنتيم، أي ما يعادل نحو 3 مليارات دولار، وهو رقم صادم يكشف عن حجم التجاوزات التي طالت مجال التعمير والعقار في أكبر مدن المملكة وهو رقم غير مسبوق ومفزع للمتابعين والمراقبين ، ما يطرح تساؤلات حارقة حول دور المراقبة والرقابة المؤسساتية، لا سيما في ظل الحديث عن مشاريع كبرى تتهيأ لها المملكة استعداداً لتنظيم كأس العالم 2030.

وفقاً للفصل 352 من القانون الجنائي المغربي، فإن تزوير الوثائق الرسمية من طرف موظف عمومي أو من في حكمه يُعد جناية يعاقب عليها بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، وتُضاعف العقوبة إذا نتج عن هذا التزوير نفع مادي أو ضرر جسيم للغير أو للدولة.

كما ينص الفصل 360 من نفس القانون على أن “كل من استعمل وثيقة مزورة وهو على علم بزورها، يُعاقب بالعقوبات المقررة للتزوير نفسه”، وهو ما قد يفتح الباب لتوسيع دائرة المتابعة لتشمل كل من استفاد أو سهل أو غض الطرف عن تمرير التصاميم المزورة.

في هذا السياق يتعالى النقاش داخل الأوساط القانونية والمدنية حول ضرورة استرجاع الأموال العامة المنهوبة، خصوصاً وأن المغرب بصدد إطلاق مشاريع كبرى في مجالات البنية التحتية والسكن والسياحة، استعداداً لتظاهرات عالمية وازنة.

ويرى مهتمون بالشأن العام أن الاكتفاء باعتقال المتهمين لا يفي بغرض تحقيق العدالة الكاملة، بل يجب تفعيل آليات الحجز والمصادرة وتوظيف مساطر استرجاع الأموال المنقولة والعقارية وفق ما ينص عليه قانون مكافحة غسل الأموال وقانون إحداث وكالة تدبير الممتلكات المجمدة والمصادرة.

تُطرح أيضاً تساؤلات بشأن مدى نجاعة منظومة المراقبة في قطاع التعمير، خاصة في ظل توفر المغرب على بوابة إلكترونية موحدة للتصاميم ودفاتر التحملات، كان من المفترض أن تحدّ من مثل هذه التجاوزات. ما جرى يضع علامات استفهام حول الدور الرقابي للجماعات الترابية، والمجالس المنتخبة، وأقسام التعمير، خاصة أن بعض المتهمين يشغلون مناصب انتخابية حساسة.

وجدير بالذكر أن هيئتنا الصحفية سبق وأن أنجزت تحقيقات معمقة في هذا الملف، وسلّطنا الضوء منذ أشهر على الخروقات المتعددة التي شابت عملية تسليم رخص استثنائية وتجاوزات في عدد الطوابق والمساحات المرخص بها، سواء في البيضاء أو ضواحيها، كما تابعنا مستجدات القضية بشكل مستفيض، انطلاقاً من مسؤوليتنا الإعلامية والأخلاقية في تنوير الرأي العام ومواكبة قضايا الفساد العقاري التي تمس بشكل مباشر ثقة المواطنين في المؤسسات والمجالس المنتخبة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى