جهويةقضايا و رأيوطنية

فاس تحتفي بالذاكرة وتقصي أبناءها: فنانون مهنيون يستنكرون إبعادهم من مشروع “نوستالجيا”.

أثار مشروع “نوستالجيا”، الذي تشرف عليه وزارة الشباب والثقافة والتواصل، والمخصص لإبراز ملامح مدينة فاس في حقب تاريخية سابقة، جدلًا واسعًا في الأوساط الفنية والثقافية بالعاصمة العلمية، بعدما عبر عدد من الفنانين المحليين عن استيائهم من ما اعتبروه إقصاءً ممنهجًا من المشروع، الذي يُفترض أن يكون شاهدًا فنيًا على الذاكرة الجماعية للمدينة وساكنتها.

وفي مقدمة الأصوات المحتجة، الفنان والممثل والإعلامي هشام بنجلون، الذي نشر فيديو على صفحاته الرسمية، عبّر فيه عن استغرابه العميق من تهميش عدد من الفنانين المهنيين المنتمين للمدينة، رغم أحقيتهم بالمشاركة بالنظر إلى تجربتهم، تكوينهم، وتوفرهم على بطائق مهنية صادرة عن الوزارة الوصية.

ولقي الفيديو الذي نشره بنجلون تفاعلاً واسعًا من طرف متابعيه، حيث انهالت تعليقات التضامن والتأييد من فنانين ومواطنين على حد سواء، ممن اعتبروا أن الإقصاء من مشروع يُفترض أنه يحمل هوية المدينة، يمسّ جوهر العدالة الثقافية التي تنادي بها الوزارة نفسها.

إلى جانب بنجلون، عبر عدد من الفنانين المهنيين المعروفين في فاس عن نفس الشعور، من بينهم حمزة أمين المرابط، إبراهيم بنخدة، عبد اللطيف العسري، وآخرون، ممن تتوفر فيهم كل شروط المشاركة المهنية والفنية، إلا أنهم وجدوا أنفسهم خارج قائمة المشروع دون مبررات واضحة.

ما زاد من حدة الانتقادات، هو ملاحظة أن عددًا من الوجوه الشابة المشاركة في العمل الفني لا تنتمي لا لمدينة فاس ولا لجهتها، ما فتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول معايير الانتقاء، خاصة في مشروع يحمل عنوان “نوستالجيا”، ويهدف – حسب ما أعلن – إلى استحضار أجواء فاس القديمة، بتراثها المعماري، البشري، والوجداني.

ورغم أن المشروع يُنسب إلى وزارة الثقافة، فإن الإخراج أوكل للمخرج أمين نسور، مما يطرح بدوره إشكالاً آخر حول التوازن بين التوجيه المركزي ومراعاة الخصوصيات المحلية، خاصة حين يتعلق الأمر بمشاريع تحمل طابعًا توثيقيًا ذا حساسية تاريخية ومجتمعية.

وأكد عدد من المتتبعين، في تصريحات لجريدة علاش تيفي الإلكترونية، أن “ما وقع يشكل جرس إنذار حقيقي للوزارة، التي يُنتظر منها ليس فقط إنتاج مشاريع فنية، بل ضمان عدالة المشاركة فيها، وفتح المجال أمام الكفاءات المحلية، خصوصًا حين تكون المشاريع مرتبطة بهوية المدينة وتاريخها”.

وفي انتظار رد رسمي من الجهات المعنية، يبقى صوت الفنانين المهنيين في فاس – وعلى رأسهم هشام بنجلون – صدىً حقيقيًا لأسئلة الإبداع والإنصاف، في مدينة طالما كانت منارة للفكر والفن، وتستحق أن يُنصف أبناؤها في المشاريع التي تُقام باسمها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى