أخبار دوليةأخبار عاجلةتحت المجهرسياسةقضايا و رأيمقالات الرأيوطنية

قراءة في الحرب بين إسرائيل وإيران والتدخل الأمريكي…

تــحــريــر: هـــاجـــر القـــاسمـــي

بعد إندلاع مواجهة مباشرة وغير مسبوقة بين إسرائيل وإيران تعرف منطقة الشرق الأوسط تصعيدا خطيرا ما ينذر بتوسّع رقعة النزاع إلى ما هو أبعد من حدود الدولتين ويهدد بإشعال صراع إقليمي واسع النطاق فبعد سنوات من التوترات التي اقتصرت على هجمات محدودة وضربات بطائرات مسيّرة واغتيالات غامضة انتقلت الأمور في الأسابيع الأخيرة إلى مواجهة مفتوحة تتداخل فيها الأبعاد العسكرية والسياسية والدبلوماسية.

الهجوم الذي شنّته إيران على أهداف إسرائيلية والذي وُصف بالأوسع منذ الثورة الإسلامية عام 1979 قوبل بردّ عسكري فوري من تل أبيب حيث استهدفت منشآت عسكرية في عمق الأراضي الإيرانية بما في ذلك قواعد الحرس الثوري ومراكز لتطوير الصواريخ الباليستية إذ تعتبر إسرائيل إيران تهديدًا وجوديًا بسبب برنامجها النووي ودعمها لفصائل مسلحة كحزب الله وحماس ولذلك وجدت في هذه المواجهة فرصة لتقويض القدرات العسكرية الإيرانية على نحو مباشر.

الرد الإسرائيلي لم يقتصر على الضربات الجوية بل ترافق مع تحركات دبلوماسية في مجلس الأمن الدولي حيث طالبت تل أبيب بإدانة دولية لما وصفته بالعدوان الإيراني المباشر بينما اتهمت طهران إسرائيل بالسعي لجرّ المنطقة إلى حرب شاملة وبين التصعيد الإعلامي وتبادل التهديدات برز الموقف الأمريكي كلاعب حاسم في تهدئة أو تصعيد الموقف.

الولايات المتحدة الحليف الأول لإسرائيل أعلنت دعمها لحق تل أبيب في الدفاع عن نفسها غير أنها في الوقت ذاته شددت على ضرورة تجنّب الانزلاق إلى حرب شاملة وقد دفعت واشنطن بحاملة طائرات إلى شرق المتوسط في خطوة فسّرها مراقبون على أنها رسالة مزدوجة حيث تمثلت في دعم لإسرائيل وردع لطهران لكنها أيضًا وسيلة للضغط من أجل احتواء التصعيد.

وفي تطور لافت نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت نووية إيرانية تقع في محيط نطنز وأراك بحجة منع طهران من استغلال الفوضى الجارية لتسريع أنشطتها النووية إذ أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن هذه الضربات جاءت كإجراء وقائي لتقويض أي تهديد وشيك يتعلق بقدرة إيران على إنتاج سلاح نووي بينما اعتبرت طهران أن هذا الهجوم تجاوز خطًا أحمرًا ويمثل إعلان حرب صريحًا من واشنطن ما ينذر بتوسيع المواجهة إلى صدام مباشر بين البلدين.

إدارة الرئيس الأمريكي وجدت نفسها في وضع دقيق إذ إنها تسعى لعدم الدخول في حرب مباشرة مع إيران خاصة في ظل التحديات الدولية الأخرى كأوكرانيا والصين ولكنها في الوقت نفسه لا تستطيع ترك حليفتها إسرائيل تواجه مصيرها وحدها لذا جاء التدخل الأمريكي في شكل دعم استخباراتي وتقني وتعزيز للوجود العسكري في المنطقة دون الانخراط المباشر في العمليات القتالية.

في المقابل دعت أطراف أوروبية وروسيا إلى وقف فوري لإطلاق النار محذّرة من أن استمرار التصعيد قد يفتح أبواب الفوضى على مصراعيها في المنطقة خصوصًا إذا قررت الفصائل الموالية لإيران في لبنان وسوريا والعراق الدخول على خط المواجهة وقد لوحظ بالفعل تصاعد في وتيرة القصف على الجبهات الشمالية لإسرائيل ما يزيد من احتمال توسّع الحرب.

الخبراء يرون أن المواجهة الحالية تعكس فشل كل محاولات احتواء التوتر بين الجانبين عبر القنوات الدبلوماسية كما تبرز محدودية تأثير العقوبات والضغوط الدولية على السياسات الإيرانية وفي ظل غياب وساطة فعّالة يبقى الميدان مفتوحًا أمام كل السيناريوهات من التصعيد التدريجي إلى اندلاع حرب شاملة قد تعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط.

وفيما تراقب الشعوب العربية والإسلامية هذا التصعيد بقلق بالغ تتصاعد الأصوات المنادية بوقف الحرب وتجنيب المدنيين ويلاتها خصوصًا مع ظهور تقارير عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين في إيران وسوريا وغزة جراء العمليات العسكرية الأخيرة ومع استمرار التحركات العسكرية والدبلوماسية على حد سواء تبقى المنطقة في حالة ترقب في انتظار ما ستؤول إليه الأيام القادمة من مفاوضات أو مواجهات.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى