المرأة الحديدية التي جعلت من الأصالة والمعاصرة رقمًا صعبًا بفاس

حرّكت خديجة الحجوبي عجلة السياسة والعمل الاجتماعي في مدينة فاس بقوة امرأة لا تُقهر، تحمل في أعماقها نار العزم وصلابة الإرادة، لكنها لا تفقد في أدائها دفء الحنان الإنساني ورقة الالتفاتة نحو البسطاء والمهمشين، لا تتحدث كثيرًا، بل تشتغل، لا تسعى للضوء، بل تصنعه من تعبها، ومنذ أن اختارت أن تكون جزءًا من الحياة العامة، رفعت شعار الفعل قبل القول، لتصبح اليوم واحدة من أقوى النساء داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وأكثرهن قربًا من الناس.
وسط الأحياء المنسية، وفي زوايا المدينة التي نادراً ما تصلها الأضواء، تجول الحجوبي بملامحها الصارمة وعينيها اليقظتين، تُنصت، تُواسي، تُخطط، وتُنجز، ترى في كل قضية اجتماعية مسؤولية شخصية، وفي كل معاناة إنسانية نداءً لا يجوز تجاهله، اشتغلت طيلة سنوات على مشاريع دعم حقيقية، بعيدًا عن شعارات المناسبات، فتكوّنت حولها قاعدة جماهيرية صلبة، تثق في التزامها، وتُراهن على قدرتها على إحداث فرق.
ولعل من أبرز ما يمكن تسجيله في هذا السياق، أن حزب الأصالة والمعاصرة، بفضل التحركات المتواصلة التي تقودها خديجة الحجوبي، بات يشكل اليوم قوة جماهيرية واضحة المعالم داخل العاصمة العلمية فاس، قوة لا ينازع فيها أحد، لا من الخصوم السياسيين ولا حتى من الحلفاء، إذ صار “التراكتور” في نظر المتتبعين رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية المحلية، لما راكمه من ثقة الناس، وحضور فعّال، وتجذر ميداني، ما يجعله مؤهلًا لخوض المحطات الانتخابية المقبلة بقوة تنافسية غير مسبوقة.
إلى جانب شقيقها خالد الحجوبي، الذي يشكّل ركيزة داعمة لمشروعها السياسي، استطاعت أن ترسم للعائلة اسمًا وازنًا داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وتحوّل لقب “الحجوبية” إلى رمز للقوة التنظيمية والمصداقية الميدانية داخل فاس، العلاقة بينهما ليست تكرارًا لنموذج رجولي بوجه نسائي، بل تكامل ذكي بين الرؤية السياسية والعمل الميداني.
خديجة الحجوبي لا تنتظر الكاميرات لتبدأ العطاء، فهي حاضرة في تفاصيل الحياة اليومية للفقراء، تمدّ يدها للمحتاج، وتواكب النساء في وضعية هشاشة، وتؤمن أن كرامة المواطن لا تكون فقط بالشعارات الكبرى، بل بحضور دائم على الأرض، وبالقدرة على التفاعل المباشر مع الناس.
وحين تتحدث، لا تُجامل، بل ترفع صوتها دفاعًا عن أولئك الذين لا صوت لهم، تنتقد تقصير المؤسسات، وتواجه اللامبالاة بشجاعة، وتعيد توجيه البوصلة إلى حيث يجب أن تكون، خدمة المواطن، لم تدخل السياسة لتكون وجهًا انتخابيًا، بل دخلتها كمن تَدين بمسؤولية اجتماعية مستمرة.
بشعبيتها المتزايدة، واحترامها الواسع داخل قواعد الحزب وخارجه، تحوّلت خديجة الحجوبي إلى نموذج نسائي جديد في المشهد السياسي المغربي، امرأة من نار وحنان، لا تعرف التراجع، ولا تهادن في الحق، ولا تغفل عن هموم الناس، لأنها ببساطة منهم، ولهم، ومعهم.