عندما يتحول الكرسي إلى مزرعة شخصية، عدالة مجالية بنكهة انتخابية في إقليم سطات.

بقلم: إيمان بوسويف.
يبدو أن كرسي المسؤولية في المجلس الإقليمي لسطات لم يعد منصة لخدمة الصالح العام، بل تحول كما يبدو من تصريحات أحد الأعضاء إلى مقعد مريح يستخدم في توجيه ثروات الإقليم إلى حيث يشاء الهوى السياسي، أو لنقلها صراحة إلى حيث يراد حصد الأصوات قبل حلول موسم الحصاد الانتخابي، فهل نحن فعلا أمام مشروع تنموي أم حملة انتخابية مبطنة بشعارات التهيئة والتأهيل والتنمية؟
ففي إحدى لحظات الوحي السياسي أفصح عضو بالمجلس الإقليمي في اجتماع رسمي، عن ما يشبه الاعتراف الضمني بأن جماعة رأس العين كانت المستفيد الأول من مشاريع التنمية في مقابل جماعات أخرى مثل أولاد اشبانة وواد النعناع، التي لم تصلها لا النعناع ولا حتى الماء وكأنها جماعات في كوكب ناء لا يستحق الالتفاتة ولا التهيئة.
لكن الأخطر في الأمر ليس مجرد التصريح بل فيما يحمله من دلالات عميقة تكشف عن طريقة اشتغال بعض النخب، حيث تستعمل الأموال العمومية والسلطة الانتدابية لا في توزيع التنمية بعدالة، بل في توزيعها بعدوانية سياسية وفق مبدأ قرب لك لا وفق منطق المصلحة العامة، وفي هذا السياق يلوح في الأفق سؤال سوسيولوجي مرير، هل نحن أمام ممارسة سياسية أم تجارة سياسية مغلفة بورق التوت التنموي؟
فمن يحكم لا يوزع الثروة، بل يوزع الولاءات هكذا قال المفكر الساخر إميل سيوران، وهو يصف بدقة فائقة أنظمة تنتج نخبة لا تفكر في البناء بقدر ما تحترف تدوير السلطة كغنيمة، وها نحن نشهد ذلك في قلب مجلس إقليمي يفترض فيه أن يكون منصة للعدالة المجالية لا منصة لتمويل الحملات المبطنة.
أليس من المثير للسخرية أن تستخدم لغة التنمية كجسر لعبور الأهواء السياسية؟ ثم أليس من المخزي أن يتحول المال العام إلى رصيد انتخابي قبل الأوان؟ وإذا كان الاعتراف سيد الأدلة، فإن تصريح العضو المشار إليه يصلح كأصل في محضر اتهام وليس كمجرد انفعال كلامي، فالتصريح نفسه يؤسس لشبهة جريمة الغدر كما يعرفها القانون الجنائي المغربي، حين يستخدم النفوذ والمال العمومي في غير وجهته القانونية وتحقيق مصلحة خاصة أو سياسية.
بل أكثر من ذلك إن هذا التوزيع الانتقائي للمشاريع، إن ثبت أنه تم بتنسيق وتواطؤ مسبق بين أطراف داخل المجلس، فإنه يدخل في خانة تكوين عصابة إجرامية كما هو منصوص عليه في الفصل 293 وما يليه من القانون الجنائي، نعم قد يبدو هذا الكلام قاسيا لكن من واجب الصحافة أن ترفع من منسوب الجرأة حين ينخفض منسوب الشفافية.
وفي خضم هذا العبث لا يسعنا إلا أن نستحضر كلمات الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو الذي قال أن السلطة بلا مراقبة، هي ميكروب يستنسخ فساده بلا نهاية، فهل سنبقى نتابع مشهدا من مسرحية عبثية تحمل عنوان التنمية على المقاس، والعدالة حسب الهوى.
ويبقى السؤال معلقا، هل نعيش زمن الديمقراطية التنموية أم ماذا؟ وبين هذين النقيضين تتخبط جماعات محرومة، تنتظر أن تعبر قوافل التنمية حدودها الجغرافية، لا حدود الانتماء السياسي.