أخبار وتقاريرتحت المجهرقضايا و رأيمقالات الرأيوطنية

الذاكرة الرياضية لا تنسى، من أنقذ الفريق لا يُلام على سقوطه.. قراءة في وضع فريق المغرب الفاسي ..!

في خضم موسم رياضي اتسم بالتعثر والتراجع، وفي لحظة كان من المنتظر أن تتحلى فيها الأطراف المسؤولة بالشجاعة لتقييم المرحلة، طفت إلى السطح محاولات مستهجنة لتحميل إسماعيل الجامعي وزر الإخفاقات، رغم أنه غادر دواليب التسيير منذ يوليوز 2023، إنه استهداف لا يخلو من انتقائية، يفتقر إلى النزاهة الفكرية، ويعيد إنتاج حيلة قديمة تتمثل في إلصاق التهم بالناجحين لتبرير فشل الحاضر.

الواقع أن ما عاشه الفريق خلال الموسم المنصرم لا يمكن تفسيره إلا ضمن سياق الاختيارات الإدارية الجديدة، فالسيد بوزوبع الذي تسلم زمام القيادة فشل في تقديم الإضافة المرجوة، ووجد نفسه في نهاية الموسم أمام ترتيب لا يليق بتاريخ الفريق، بل إن كثيرين يرون أن النقاط التي حصدها الفريق في بداية الموسم تحت قيادة المدرب أكرم الروماني كانت طوق نجاة حقيقياً، لولاها لكان الفريق قد دخل دوامة حسابات تفادي النزول.

وفي وقت كان من الأولى أن تنصرف الجهود نحو تشخيص أسباب التراجع، اختار البعض أن يصوب سهامه نحو آل الجامعي، محاولاً اختزال أزمة مركبة في سردية تبسيطية لا تصمد أمام الوقائع، فهل يُعقل أن نحاسب من غادر الفريق منذ ما يقارب السنة على إخفاقات من صنع إدارة حالية لها قراراتها وخياراتها؟

تُطرح اليوم أسئلة ملحة، هل أخطأ السيد بوزوبع حين أوكل مهمة التسيير للسيد بنيس، رغم أن هذا الأخير، بحسب المعطيات المتوفرة، لا يملك الإمكانيات المالية ولا الكفاءة الرياضية الكافية؟ أم أن قلة الدراية بكواليس اللعبة وخفاياها، وتضارب المصالح وسط محيط الفريق، كانت عوامل رئيسية في ما حدث؟ ثم ما موقع ما يُوصف بـ”الخبراء الجدد” الذين يتقنون التحدث بالفرنسية ويرتدون ربطات العنق، لكنهم يفتقرون إلى الحس الرياضي والفهم الحقيقي لما يتطلبه النجاح في عالم كرة القدم؟

أما الحجة التي تُتداول بخصوص تركيز الإدارة على رفع الحجوزات، فإن الوثائق المتوفرة تؤكد أن الوالد الجامعي قد ضخ في خزينة الفريق ما مجموعه خمسة ملايير سنتيم، وأن الأزمة المالية الحالية تعود في جوهرها إلى توقف هذا الدعم بسبب موقف واضح، مفاده أن المسؤولية اليوم تقع على عاتق الإدارة الحالية، فهي من تدبر شؤون الفريق، وهي من تتحمل تبعات النزاعات المالية، وعلى رأسها ملف اللاعب أكردوم، الذي فجّر خلافاً محتدماً بين السيد بوزوبع والسيد شاقور.

الجمهور الرياضي، الذي يُفترض أن يكون البوصلة الحقيقية لكل عمل داخل الفريق، لا يعنيه كثيراً الجدل الإعلامي ولا المناكفات، ما يهمه في نهاية المطاف هو الأداء، الألقاب، والحضور المشرف، أما تبرير الفشل بالحجج الواهية فهو ما يزيد من حجم الخيبة .

إن التهديد بنشر الملفات لا يعدو أن يكون سلوكاً فارغاً من المضمون، وإذا كانت هناك وثائق حقيقية ومعلومات دقيقة، فليتم عرضها على الرأي العام، وليُترك الجمهور يكوّن قناعاته بناءً على الشفافية لا على الاتهامات المجانية، أما الحديث بلغة الوصاية والتهديد، فذلك لن يُفضي سوى إلى مزيد من التوتر والشكوك، الفريق أكبر من أن يُختزل في خلافات شخصية أو حسابات ضيقة .

إن الميثاق الذي ينبغي أن يُؤسس عليه العمل مستقبلاً يجب أن يكون ميثاق إشراك، مسؤولية، واحترام لمكانة الكفاءات داخل الجمعيات المساندة، وعلى رأسها السيد بنوحود، أما استمرار منطق السمسرة، سواء من داخل المكاتب أو من خلف الستار، فلن يُنتج إلا مزيداً من الإخفاق، مهما تغيرت اللغة أو الشكل الخارجي للفاعلين .

إسماعيل الجامعي، بكل ما له وما عليه، يظل من الأسماء التي بصمت مرحلة مشرقة في تاريخ الفريق، وكان جزءاً من ديناميكية الإنقاذ في لحظات حرجة، والذاكرة الرياضية، مهما اشتدت العواصف، لا تنسى من ساهم في بناء اللحظة حين كان الآخرون يتفرجون .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى