في غياب 333 نائبا.. مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المسطرة الجنائية وسط انتقادات للمادة المتعلقة بجرائم المال العام وتحذيرات من المساس بالدستور…

صادق مجلس النواب صباح اليوم الثلاثاء في قراءة ثانية على مشروع قانون المسطرة الجنائية وسط غياب غير مسبوق شمل 333 نائباً من أصل 395 في وقت لم يتجاوز فيه عدد الحاضرين 62 نائبا فقط ما أثار انتقادات واسعة بشأن تعاطي المؤسسة التشريعية مع نص قانوني اعتُبر مفصلياً في منظومة العدالة الجنائية ومحاربة الفساد.
وصوّت النواب الحاضرون بالأغلبية على المشروع بينما طغت على الجلسة أجواء الجدل بسبب المادة الثالثة من النص التي تقيد إمكانية تحريك المتابعة في جرائم المال العام إذ اشترطت ضرورة توصل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بإحالة من مؤسسات رقابية محددة في مقدمتها المجلس الأعلى للحسابات والمفتشيات العامة وهيئة النزاهة دون أن تتيح للأفراد أو الجمعيات التبليغ عن هذه الجرائم باستثناء حالات التلبس.
هذه المقتضيات دفعت المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى التحذير من مخاطر مخالفة التعديلات للدستور خاصة الفصل 36 الذي يكرس مبدأ التبليغ عن الفساد كآلية دستورية لضمان مشاركة المواطنين والمجتمع المدني في مكافحة جرائم المال العام.
كما نبه المجلس إلى تعارض هذه المادة مع فصول من القانون الجنائي على رأسها الفصلان 209 و299 اللذان ينصان على ضرورة الإبلاغ عن الجرائم ويضمنان الحماية للمبلغين النزهاء مع تجريم الوشاية الكاذبة والابتزاز معتبراً أن الصيغة الجديدة تُفرغ مبدأ المحاسبة من مضمونه وتقلص من فعالية النظام القضائي في مواجهة الجرائم المالية.
في السياق ذاته أثارت المادة السابعة من المشروع استياءً واسعاً بعدما اشترطت على الجمعيات الراغبة في التقاضي كطرف مدني أن تكون حاصلة على صفة المنفعة العامة وأن يمر على تأسيسها أربع سنوات على الأقل إضافة إلى ضرورة الحصول على ترخيص من وزارة العدل وهي شروط اعتُبرت تضييقاً غير مبرر على عمل الفاعلين المدنيين في مجال الشفافية والرقابة المجتمعية.
ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى مراجعة هذه التعديلات بما يضمن احترام الدستور والانفتاح على الآليات الديمقراطية التشاركية مؤكداً على ضرورة تمكين الجمعيات من لعب دورها الكامل في حماية المال العام وتعزيز المساءلة والمشاركة المواطِنة تماشياً مع التزامات المغرب في مجال مكافحة الفساد والحكامة الجيدة.