في ذكراه السادسة والعشرين.. الحسن الثاني.. بصمة ملك حسم مصير الدولة ورسم ملامح مغرب ما بعد الاستعمار…

في مثل هذا اليوم من سنة 1999، أسدل المغرب الستار على مرحلة كاملة برحيل الملك الحسن الثاني، الذي وُصف طيلة حياته السياسية بأنه رجل دولة بامتياز وقائد استثنائي بصم تاريخ البلاد في لحظات مفصلية.
لم يكن الحديث عن الحسن الثاني يوماً مجرد استحضار لسيرة ملك، بل استرجاع لمسار حافل بالتحولات الكبرى، إذ تولى قيادة البلاد في ظرفية دقيقة مباشرة بعد الاستقلال وقادها عبر عقود من الأزمات والتوترات الإقليمية والدولية، مثبتاً دعائم الدولة الحديثة بمقاربات اتسمت بالتوازن والحذر أحياناً، وبالحزم والصرامة أحياناً أخرى.
واعتبر الراحل مهندس المسيرة الخضراء، وصاحب المشروع الدستوري التدريجي، الذي أراد من خلاله بناء مؤسسات متماسكة قادرة على الصمود، وهو ما جعل عدداً من المراقبين يصفون تجربته بأنها نموذجية في محيط إقليمي كان دائم الاضطراب.
وإذا كانت فترات حكمه محط نقاش واختلاف بين من انتقد توجهاته ومن رأى فيها أسباب صلابة الدولة المغربية، فإن ما يجمع عليه الكثيرون هو أن الحسن الثاني لم يكن زعيماً عادياً، وأن أسلوبه في الحكم ترك بصمة لا يمكن تجاوزها، سواء على مستوى العلاقات الخارجية أو تدبير الشأن الداخلي.
واليوم وبعد مرور 26 سنة على وفاته، لا تزال آثار رؤيته السياسية حاضرة في بنية النظام السياسي، وفي شكل العلاقة بين الدولة والمجتمع، كما في التوازنات التي ما زال المغرب يحتكم إليها وسط محيط إقليمي ودولي متغير.
رحل الملك لكن ظله لا يزال ممتداً على ذاكرة المغاربة، ليس فقط بما أنجز، ولكن أيضاً بما أسّس له من تقاليد في الحكم والسياسة والدبلوماسية. ومع تعاقب الأجيال، تبقى قراءة سيرته لحظة لاستيعاب جزء من التاريخ الحديث للمملكة واستشراف ما تبقى من المشروع الذي بدأه.