
في وقتٍ تتنافس فيه كبريات شركات الطيران العالمية ــ من القطرية إلى التركية والإماراتية وغيرها ــ على تقديم أزياء أنيقة ومبهرة لمضيفاتها، يجد المسافر على متن الخطوط الملكية المغربية نفسه أمام زي جديد أثار الكثير من علامات الاستفهام.
فقد عبّر عدد من المسافرين وفعاليات المجتمع المدني عن استغرابهم من الطابع “الباهت” للزي النسوي الجديد، الذي جاء بلون بنفسجي داكن وبأزرار مطابقة للون القماش، ما منح انطباعًا غير موفق، شُبّه بزي الطباخات أو العاملات في مطاعم شعبية، بدل أن يعكس صورة الاحترافية والرقي الذي يُنتظر من واجهة البلد الأولى في السماء. وزاد من حدّة الانتقادات غياب أي إشارة إلى هوية “لارام”، سواء من خلال شعار الشركة أو بصمة لونية مرتبطة بتاريخها العريق، في حين بدا الأمر أقرب إلى زيّ عابر يفتقد إلى الخصوصية والتميّز.
وعلى النقيض من ذلك، لاقى الزي الرجالي استحسانًا أكبر، إذ جُمِع فيه بين الأبيض والرمادي في تنسيق أنيق، لا ينقصه سوى وسم واضح للخطوط الملكية المغربية وشارة تعريفية باسم المضيف، أسوة بما تعتمده كبريات الشركات العالمية.
المسافرون تساءلوا أيضًا عن سر غياب اللونين التقليديين للشركة، الأحمر والأبيض، واللذين رسّخا صورة “لارام” لعقود، معتبرين أن هذا التوجه يطرح إشكالًا في مقاربة الهوية البصرية للشركة. فهل ركزت الإدارة الجديدة على تحديث الأسطول وتناست “العنصر الإنساني” الذي يواجه العالم يوميًا؟ أم أن الأمر لم يكن سوى خطأ في التقدير؟
ومن بين التعليقات اللافتة، شدّد أحد الزبناء الغيورين على صورة بلده على أن مرور المضيفات في المطارات العالمية يشكّل بطاقة تعريف أولى بالوطن، وقد يُغري المسافرين بزيارته أو ينفّرهم منه. وطالب بضرورة مراجعة التصميم والاقتراب أكثر من الهوية البصرية للخطوط الملكية المغربية التي لطالما امتازت بالجمع بين الأصالة والحداثة، مستشهدًا بما قدمته خطوط خليجية من نماذج ناجحة في هذا المجال.
إلى جانب ملاحظات الشكل والهوية، أثار بعض المسافرين مسألة المعايير المهنية، حيث انتقدوا غياب شروط صارمة تتعلق بالمظهر واللياقة البدنية، مشيرين إلى أن بعض الحالات لا تعكس الصورة المتعارف عليها عالميًا لمضيفات الطيران.
وفي ختام التجربة، توقّف أحد الركاب عند قطعة “السترة” (la veste) التي تحمل لمسة أنيقة واسم المضيفة محفورًا عليها، لكنه تساءل: ما جدوى جمالية لا تُستثمر فعليًا إذا لم تكن جزءًا أساسياً من الزي الرسمي؟
الجدل إذن لا يتعلق بمجرّد لون أو تصميم، بل بصورة المغرب في سماء العالم. فمع اقتراب المملكة من مواعيد كبرى كاستضافة مونديال 2030، يصبح من الضروري أن تعكس كل التفاصيل ــ بما فيها الزيّ الرسمي للمضيفات ــ رقيّ الهوية الوطنية وعمقها الحضاري.