
- ليست دموع محمد أوزين مجرد لحظة عاطفية عابرة، بل حدث سياسي بامتياز أعاد ترتيب المشهد وأبرز أن السياسة، مهما غلبت عليها الحسابات، تظل في جوهرها التزاما إنسانيا قبل أن تكون معادلة انتخابية، لقد بكى الأمين العام وهو يستحضر معاناة المغرب المنسي ومغرب الهامش، ليمنح السياسة ما فقدته في زمن تغوّلت فيه الأرقام وجفّت القيم.
لقد ارتقى أوزين بتلك اللحظة الصادقة إلى مصاف استثناء نادر بين الساسة المغاربة، لأنه أظهر أن الانفعال بالوجع الجماعي ليس ضعفا، بل قوة أخلاقية تنبع من معايشة الناس، والتقاسم معهم تفاصيل الحياة وظروفها. فمن لم يعرف الحرمان لن يفهم حاجات المهمشين، ومن لم يعش المعاناة لن يدرك عمقها.
إن ما جرى لم يكن مشهدا شخصيا بقدر ما كان رسالة بليغة: السياسة لا تختزل في جداول الإحصاء ولا في خطط تقنية جافة، بل هي الإنسان أولا، وكرامته، وحقه في العدالة الاجتماعية والمجالية. إنها نداء صامت لكنه مدوٍّ، يعيد إلى الواجهة سؤال القيم في زمن يسيطر عليه منطق التوازنات والمكاسب الضيقة.
حين بكى الأمين العام، أعاد للسياسة وجهها الإنساني، وأكد أن دورها ليس أن تكون سلطة متعالية، بل جسرا إلى الناس، وأن قوتها الحقيقية لا تقاس بعدد المقاعد أو الأصوات، بل بمدى قدرتها على الإنصات لآلام الوطن العميق. تلك دموع لا تحتاج إلى تفسير، لأنها ببساطة صرخة صادقة في وجه سياسة فقدت روحها.