تمرير القوانين بعيدًا عن الأنظار: أزمة ثقة بين الحكومة والشعب

في كل الديمقراطيات الحقيقية، تعتبر الشفافية ركيزة أساسية لإرساء الثقة بين الحكومة والمواطنين، ومع ذلك، عندما يتم تمرير قوانين خلف الأبواب المغلقة أو دون إشراك الرأي العام، يتحول الأمر إلى أزمة ثقة عميقة. لا يمكن إنكار أن الحكومة تتحمل مسؤولية اتخاذ القرارات، ولكن هذه القرارات يجب أن تكون خاضعة لرقابة شعبية لضمان نزاهتها وخدمتها للمصلحة العامة.
تمرير قوانين “تحت الطاولة” يثير تساؤلات مشروعة حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الخطوات، لماذا لم يتم عرض هذه القوانين للنقاش العلني؟ هل هناك مصالح شخصية أو ضغوط من مجموعات معينة تدفع بهذا الاتجاه؟ مثل هذه الإجراءات تؤدي إلى تصدع العلاقة بين الحاكم والمحكوم، حيث يشعر المواطن بأن صوته أصبح مهمشًا وأن القرارات تُتخذ في أروقة معزولة.
أخطر ما في هذا النوع من الممارسات هو الإضرار بصورة الحكومة داخليًا وخارجيًا. داخليًا، تتزايد الانتقادات والاحتجاجات، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والسياسي. أما خارجيًا، فقد يؤثر ذلك على سمعة الدولة في الساحة الدولية، مما يعكس صورة سلبية عن التزامها بالديمقراطية والحكم الرشيد.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج الحكومات إلى تبني سياسة شفافة تعزز الحوار والتشاور مع المواطنين وممثليهم، فتجاهل هذه القيم الأساسية لن يؤدي إلا إلى تعميق الفجوة بين الدولة والمجتمع.
الشعب لا يطالب بالكثير؛ كل ما يسعى إليه هو الوضوح، حق الاطلاع، والمشاركة الفعالة، أما التمادي في اتخاذ قرارات غير واضحة أو مشبوهة، فقد يجعل من أي إصلاح مستقبلي تحديًا كبيرًا في ظل تآكل الثقة الذي يصعب ترميمه.