محمد القاسمي يكتب : إستهداف الملك محمد السادس ومساعي تقويض استقرار المغرب

بقلم : محمد القاسمي
يدرك المتتبعون للشأن المغربي أن الحملة الإعلامية التي تستهدف المملكة ليست مجرد انتقادات ظرفية بل هي جزء من استراتيجية منظمة تهدف إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وتقويض ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة غير أن أخطر تجليات هذه الحملة تتمثل في استهداف المؤسسة الملكية ومحاولة المساس بشخص الملك محمد السادس عبر نشر أخبار زائفة وتقارير مفبركة في مسعى لضرب صورة الملك باعتباره رمز الدولة وضامن استقرارها.
إن استهداف الملك محمد السادس ليس عملاً معزولاً أو عشوائياً بل هو حلقة متقدمة في مخطط يرمي إلى إضعاف اللحمة الوطنية بين العرش والشعب وهي العلاقة التي شكلت على مر التاريخ حصناً منيعاً ضد كل محاولات التدخل الخارجي وكما قال المؤرخ عبد الهادي التازي: “السر في استمرار الدولة المغربية ليس في قوتها العسكرية فقط، بل في متانة العلاقة بين الملك وشعبه التي لم تنكسر حتى في أحلك الظروف.”
منذ سنوات تعمل بعض القوى الخارجية عبر أذرعها الإعلامية على الترويج لروايات مضللة حول الملك محمد السادس مستغلةً منصات رقمية وإعلامية مشبوهة لإشاعة الأكاذيب حول حياته الشخصية وسياسته الداخلية والخارجية فالهدف من هذه الحملة ليس مجرد الإثارة الإعلامية بل هو محاولة لتشويه صورة الملك وتقويض شرعيته في أذهان المغاربة أولاً ثم على المستوى الدولي.
ويعتمد هذا الاستهداف على أساليب واضحة منها ترويج الأخبار الكاذبة حول صحة الملك وحياته الخاصة، بهدف إظهار المؤسسة الملكية في حالة ضعف وعدم استقرار وهو أسلوب طالما استخدمته القوى الاستعمارية في محاولاتها لإضعاف القادة الوطنيين.
كما تسعى بعض الجهات إلى التشكيك في القرارات الملكية، وخاصة في السياسة الخارجية حيث يتم تصوير تحركات المغرب الدبلوماسية وكأنها قائمة على تنازلات وليس على مصالح استراتيجية مما يهدف إلى إضعاف موقفه الدولي.
وإلى جانب ذلك هناك محاولات لخلق فجوة بين الملك وشعبه، عبر نشر ادعاءات كاذبة حول علاقته بالمواطنين وإظهار السياسات الملكية على أنها منفصلة عن الواقع في حين أن التجربة التاريخية أثبتت العكس حيث ظل الملك محمد السادس قريباً من شعبه، متفاعلاً مع قضاياه ومتدخلاً شخصياً في الملفات الحساسة لضمان استجابة الدولة لتطلعات المواطنين.
إن الدور الذي لعبه الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش جعل منه قائداً ليس فقط على مستوى المغرب بل على المستوى الإقليمي والدولي، فمنذ توليه الحكم سنة 1999 أطلق سلسلة من الإصلاحات الجوهرية التي طالت مختلف المجالات من حقوق الإنسان إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما عزز موقع المغرب كقوة إقليمية لها وزنها في القضايا الاستراتيجية.
فقد كان وراء مشاريع كبرى مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتطوير البنية التحتية وإصلاح الحقل الديني إضافة إلى تحقيق تقدم ملموس في قضية الصحراء المغربية عبر سياسة دبلوماسية متماسكة أثمرت دعماً دولياً غير مسبوق.
على المستوى الإفريقي أعاد الملك محمد السادس المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وعمل على تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية في مختلف المجالات ما جعل المغرب فاعلاً رئيسياً في القارة وشريكاً موثوقاً على الصعيد الدولي أما على المستوى الداخلي فقد تبنّى نموذجاً إصلاحياً متوازناً يحقق الاستقرار دون التفريط في ثوابت الدولة وهو ما جنّب المغرب سيناريوهات الفوضى التي عرفتها بعض الدول خلال ما سمي بـ”الربيع العربي”.
إن استهداف المؤسسة الملكية لا يهدف فقط إلى ضرب شخص الملك بل يسعى إلى تفكيك أسس الدولة وتقويض استقرارها وهو ما يتطلب وعياً جماعياً وإدراكاً عميقاً لطبيعة هذه الحرب الإعلامية فالمغرب دولة لها امتداد تاريخي عريق ونظامها الملكي لم يكن أبداً مجرد شكل من أشكال الحكم، بل هو عنصر أساسي في استقرار البلاد ووحدتها.
وكما قال المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي: “الدول لا تسقط بسبب الأزمات، بل حين تفقد ثقتها في نفسها” فالتحدي اليوم ليس مجرد الدفاع عن صورة الملك بل حماية الاستقرار الوطني من محاولات الاختراق الإعلامي والتلاعب بالإدراك الجماعي والمطلوب ليس فقط تفنيد الادعاءات بل بناء وعي وطني يحصّن البلاد ضد هذه الهجمات من خلال تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن وتطوير السيادة الإعلامية ورفع منسوب التفكير النقدي لدى الأفراد حتى لا يكونوا عرضة للتضليل فالمغرب أثبت عبر تاريخه أنه قادر على تجاوز الأزمات لكن مواجهة الحروب الإعلامية تتطلب وعياً أعمق وإدراكاً جماعياً بأن المستهدف ليس شخصاً أو مؤسسة بعينها، بل استقرار الوطن ومستقبله .