ولد فاس ماخذلهاش .. الجامعي يعيد الروح للفرق الرياضية بالحاضرة الإدريسية..

في كل مدينة هناك أبناء يمرّون وأبناء يتركون أثراً، وفي فاس، حين يُذكر اسم معاذ الجامعي، يتهامس الناس: “الرجل ولد البلاد، ويعرف وجعها جيداً”، هذه الجملة، البسيطة في ظاهرها، تختزل قصة مسؤول لم يأتِ ليُزيّن الكراسي، بل ليُصلح ما تهدّم، ويبعث الحياة في جسد مدينة أنهكها الإهمال، خاصة في مجال لطالما شكّل شريان الأمل لدى الشباب، الرياضة.
لسنوات بدت الرياضة الفاسية وكأنها تنزف بصمت، أندية عظيمة تحولت إلى مجرد أسماء في أرشيف المجد، مواهب تُهدر، ومدرجات تئن من قلة الفرح، في قلب هذا المشهد الرمادي، لم تكن المدينة تنتظر إلا شخصاً يفهم نبضها، ويشعر بها كما يشعر بها أبناؤها، فجاء معاذ الجامعي.
من يجهل المغرب الفاسي يجهل نصف ذاكرة المدينة، من لا يعرف “الماص”، لا يعرف كيف كانت فاس تنتصر وتغني وتبكي خلف فريقها، والي الجهة لم يكتف برفع المنح ولا بحضور المباريات، بل أعاد الاعتبار للفريق ككيان حضاري ورافعة معنوية لأهل المدينة، اشتغل في الكواليس، عبّأ الجهات الداعمة، سهّل الإجراءات، فتح مسارات شراكة حقيقية لعودة الفريق إلى الواجهة، وحين يسأله البعض عن سبب هذا الالتزام، يرد ببساطة: “أنا ولد فاس، وولد البلاد ما يقدرش يشوفها طايحة ويسكت.
”لكنّ إنصاف الرجل يقتضي القول إن عنايته لم تقتصر على فريق دون آخر، فقد امتد دعمه إلى الوداد الفاسي، الفريق الذي لطالما لعب دوراً تنشيطياً قوياً في المدينة، وإلى فرق كرة اليد، وكرة السلة، وألعاب القوى، بل حتى الرياضات الجبلية والشعبية نالت حظها من المتابعة والدعم، الملاعب الفرعية، تجهيزات التداريب، النقل، المرافق، التكوين، كلها أوراش فتحها الوالي بنفس الاهتمام، لأنه كما صرّح مرة في لقاء مغلق: “فاس ما خاصهاش غير مشاريع، خاصها حتى لحظات فرح، والفرحة كتجي من الرياضة والنجاح.
”حين تتحدث إلى الرياضيين أو المسيرين أو حتى الجمهور، تلمس بسهولة الفرق بين من ينظر إلى المدينة كخارطة إدارية، ومن يرى فيها حومة، وزنقة، ومدرسة لعب فيها الكرة، أو قاعة تابع فيها مباراة العمر، معاذ الجامعي هو ابن المدينة، وهذه ليست صفة للتزيين، بل سلوك يومي يظهر في قراراته، وتفاعلاته، وجرأته في اتخاذ ما يلزم حين يتعلق الأمر بكرامة فاس.
يقول أحد مسيري الفرق: “أول والي كيعيط لينا حنا باش نناقشو مشاكل الفريق، ماشي حنا اللي كنمشيو ليه”، وهذا بوحدو درس كبير في العلاقة بين الدولة والمجتمع.
لسنا بحاجة لتلميع صورة أحد لكننا ملزمون بقول الحقيقة حين تفرض نفسها، وفاس اليوم تستعيد شيئاً من بريقها الرياضي لأن فيها رجلاً لا ينسى أصله، ولا يتنكّر لمدينته، ولا يتعامل مع الرياضة كملف إداري بل كوجدان جماعي.
إلى السيد معاذ الجامعي نقولها بصدق: ابن البلاد هو اللي كيفرح بنجاحها، وكيحزن على عثراتها، وأنت كنت دائماً حيث يجب أن يكون رجل الدولة، قريباً من نبض الناس، حريصاً على أن تبقى فاس عالية، في الرياضة كما في باقي الواجهات .