المغرب الفاسي بين مطرقة الماضي وسندان الاستثمار الجديد.. هل يُجهض المشروع بفعل النفوذ العائلي والسياسي؟

يعيش نادي المغرب الرياضي الفاسي على وقع أزمة صامتة تزداد تعقيدًا بين طموح استثماري جديد يسعى إلى إخراج الفريق من عنق الزجاجة، وتحركات مضادة يقودها الرئيس الأسبق بدعم مباشر من والده وفاعلين سياسيين، ما ينذر بانقلاب وشيك على مشروع الإصلاح الذي استبشرت به الجماهير قبل أشهر قليلة فمنذ لحظة تسوية النزاعات المالية التي خنقت النادي لسنوات، وظن الجميع أن صفحة التدبير الفوضوي قد طُويت، بدا أن الفريق على أبواب نهضة حقيقية.
المستثمر محمد بوزوبع، الذي ضخّ أموالًا هامة في سياق خطة متكاملة للإصلاح، تمكن من تسوية نصف ملفات النزاع أمام الجامعة، أي حوالي 4 مليارات سنتيم من أصل 8.5، إضافة إلى مليار سنتيم من أصل 2.5 في نزاعات معروضة على القضاء العادي. هذه الخطوة مكّنت الفريق من رفع المنع من الانتدابات وضمان البقاء بين أندية القسم الأول.
لكن ما لم يكن في الحسبان، أن مشروع الإنقاذ الذي بُني على اتفاق واضح بين الجمعية والشركة الرياضية، سيكون أول من يلقى الطعن من داخل البيت ذاته، تحت ضغط من الرئيس الأسبق وبتوجيه مباشر من والده النافذ، حسب ما تؤكده مصادر مطلعة من داخل دوائر التسيير.
بعد اجتماع اعتُبر مفصليًا بين الشركة والجمعية، تم الاتفاق على خارطة طريق تؤسس لحكامة مالية وإدارية وتضمن التزامًا متبادلاً غير أن رئيس الجمعية الحالي تنصل لاحقًا من التزاماته، بإيعاز من الرئيس السابق الذي يسعى، بحسب ذات المصادر، إلى استعادة موقعه داخل النادي بأي ثمن، ولو على حساب مصلحة الفريق.
المثير للقلق وفق نفس المعطيات، هو أن هذه العودة تحظى بدعم حزبي وانتخابي صريح، ما قد يُحوّل الماص إلى أداة انتخابية في القادم من الاستحقاقات، وهو أمر ترفضه الجماهير جملة وتفصيلًا، وسبق أن حذرت منه مرارًا في أكثر من مناسبة.
في مقابل هذا الالتفاف، عبّر محمد بوزوبع، في أكثر من مناسبة خاصة، عن استعداده التام لمواصلة ضخ المال والجهد شريطة وجود بيئة مؤسساتية نزيهة ومحفزة لكنه في المقابل لن يُغامر في بيئة تُفرمل العمل المقاولاتي وتعطل الرؤية التشاركية، وفق ما نقل عنه مقربون من داخل الشركة المسيرة.
وإذا استمرت هذه المناورة، فإن انسحاب بوزوبع ومعه باقي المستثمرين الجدد بات مرجحًا جدًا، ما يعني نسف المشروع من أساسه، وعودة النادي إلى مربع التدبير الفردي والتحكم العائلي، الذي قاد إلى سنوات من التراجع والاحتقان.تتحدث مصادر متعددة عن تحركات ميدانية للرئيس الأسبق ووالده لاسترجاع السيطرة على النادي، هذه المرة بدعم سياسي مكشوف.
فالصمت “الناعم” لرئيس الجمعية، وتراجعه عن تنفيذ الاتفاق، لا يُقرأ إلا في سياق هذه الترتيبات التي تهدف إلى تسليم مفاتيح الفريق مجددًا لنفس الأسماء التي فشلت سابقًا في وضع الماص على السكة.
الجديد هذه المرة حسب تحليل متابعين، أن العودة لا تقتصر فقط على الطموح الرياضي، بل تتجاوز إلى تهيئة منصة انتخابية حزبية، تستغل شعبية الماص ورمزيتها في الشارع الفاسي، وهو ما يُخالف تمامًا روح الاستقلالية التي كانت دوماً عنوانًا لهوية النادي.المعطيات المتداولة فجّرت موجة غضب عارم في أوساط الجماهير المصاوية.
تدوينات وتغريدات متتابعة وصفت ما يحدث بـ”الخيانة الجماعية”، رافعة شعارات من قبيل:“الماص ليست ورقة انتخابية”، “أنقذوا النادي من سطوة المصالح الشخصية”، “لا للعودة إلى الوراء”.الصدمة كانت كبيرة لأن الأمل كان حقيقياً، مدعوماً بنتائج ملموسة على الأرض، قبل أن تعصف به حسابات لا علاقة لها بكرة القدم ولا بمصلحة الفريق.
أمام كل هذه التطورات، يُسجل غياب تام لأي توضيح رسمي من طرف الجمعية أو السلطات الرياضية المحلية. في المقابل، ينتظر الشارع الفاسي موقفًا حازمًا من الجهات الوصية، لمنع تسييس النادي وإجهاض مشروع استثماري كان قد بدأ يعيد الأمل إلى القلوب.